Tuesday, May 31, 2005

الفنانة يقين الدليمي.. شعاع العشق وعودة الروح

Painting of Yaqeen
ينبثق من ثنايا لوحات الفنانة يقين الدليمي شعاع خافت تارة، وصارخ تارة اخرى يبعث الروح فيها بعد انتظار الموت اليقيني. ورغم طغيان الظلام والجو الغروبي الشتائي الحزين، وتعقد الانحناءات والتعرجات التي تغطي مشهد اللوحة، يحمل هذا الشعاع بصيص امل في تواصل الحياة، وان كانت اللوحة تبشر بفنائها.. هذا الشعاع الوردي احيانا والبنفسجي او الاصفر الفاقع احيانا اخرى، انما هو الخيط الذي توصل به انسجة اللوحة المهترئة بفعل الحزن العميق والازلي، والتضحية والتسامي والتوحد مع الطبيعة.
والمرأة، عنوان اللوحة وغايتها، ان كانت حاضرة بجسدها، او ترفرف روحها في جو اللوحة، ليست ذات شخصية محددة المعالم.. تقص حكاية الحب والانتظار الممل والهجر واخيرا النبذ، على جذع الشجرة الميتة.. بينما يمتد جسد المرأة متوحدا مع الجذع ليكون ساقا واوراقا متدلية.. ومع ذلك فالزهور باهتة منتشرة في سماء اللوحة دون اكتراث لموقعها الفيزيائي، غير انها تتناغم مع التواءات جسد الانثى في هارمونية ممتعة، بينما تحول حزمة الضوء الخلفية المكان والزمان الى وحدات ثانوية، يغيب الشعور بهما، لتتجسد مأساة انثى تلوي راسها حزنا والما.
والحب قد يكون موضوعا شيقا حينما يلتف جسدان في رقصة فالس تعزف الريح انغامها وهي تعبر الوادي المقفر، وتكفهر السماء منذرة بالعقاب للفاحشة التي توشك ان تقع، ومع ذلك فالشعاع في وسط اللوحة يحمل العاشقان على العناق، وتشيع النشوة في هذا الحيز الصغير فقط ، كما هو شأنها دائما. غير ان تلك النشوة قد تستشري في اللوحة مع توحد العشق والطبيعة في كائن شبيه بطائر البجع، ينشر ريشه على مساحة تتزايد تدريجيا، لتعم جميع اللوحة الا بقعة الضوء الباهرة التي تشي ان الحب اللذيذ قد ارسل رعشته بين الثنايا اللامتناهية للوحة.
Painting of Yaqeen
والعشق قد لا يكون بين كائنين فقط، فحينما تقرر الفنانة ان تصور مدينة، يكون العشق هو عنصر الربط في تلك المدينة ايضا.. فالبيوت متراصة ومتداخلة الى درجة الحب، يهيمن عليها مشهد القبة والمئذنة الاسلاميتين ليحددا هوية المدينة.. وينتصبا شامخين وهما يحتضنان البيوت الكثيرة النوافذ، وان كانت جميعها مغلقة. ويخترق الشعاع (اليقيني) الفسحة بين القبة والمئذنة لينتشر الى اطراف المدينة في استحياء ليضع كل جزء في زمن، ازمان الصلوات والاذان، حتى تشعر بالمؤذن يدعو للصلاة ولكنك لن تعرف اية صلاة يدعو اليها مع ضياع الزمن.. كناية عن ضياع الانسان الذي شاء ان يسكن في طرف المدينة.
لاشك ان المأساة تتجلى في بعض لوحات الفنانة بشكل يبعث على الاسى.. ولكن الامل في الخلاص يبقى مرتسما بشعاع ضوئي باهر، او خافت، يتمركز في وسط اللوحة.. وربما ينتشر الى اطرافها، واذا كان كل ما في اللوحة يبعث على الشك.. فان حزمة الضوء الخلفية هي حقيقة واقعة و(يقين).

No comments: