Saturday, May 28, 2005

الفنانة سهاد ناجي: تشاطر الازمة والحلول

Painting of Suhad
ارتبط الفن منذ نشأته باحاسيس وانطباعات الانسان، وعبر الفنانون الاوائل في نقوشهم على جدران الكهوف عن مخاوفهم وامالهم.. واذا كان الفن قد مر بمراحل تطور كثيرة، الا انه في الواقع لم يتخل عن مهمته الاصلية.. وظل ميدانا لطرح الافكار ورصد المواقف والتعبير عن قيم عليا طالما شكلت حلم البشرية.
ان من يتطلع الى لوحات الفنانة الشابة (سهاد ناجي) ربما لن يجد عنصرا مميزا.. وقد يتعجل الحكم عليها باعتبارها اعمالا عادية لفنان مبتديء. غير ان نظرة فاحصة ومعرفة اكثر بشخصية الفنانة قد تحول انتباهنا الى قضايا اكثر عمقا. ولا شك ان شخصية الفنان عنصر مهم في العمل الفني، الا تجد اننا نتطلع الى اعمال مايكل انجلو مع معرفتنا بشخصيته الحادة العصابية؟ كما اننا نتمتع بالفن الحالم لرافائيل الوديع الدمث.
ففي لوحة (بركة غير هادئة) تجد امواج المياه تنحصر في وادِ محاط بالصخور المرتفعة مما يبعث الضيق في النفس خصوصا مع انعكاسات الصخور الصفراء على صفحات المياه المتوجة، مما يجعل اللوحة تعج بالالوان الصفراء والبنية التي تزيد الموقف تأزما ولا يفلح لون الماء الازرق في التخفيف من الازمة بسبب تحولها نحو الداكن واختلاطها بالرمادي. ان جو الازمة في اللوحة هو تعبير عن ازمة الحياة في المدينة.. ولا تجد الفنانة اي مخرج لها، كما انها لاتقترح حلا ما. فهي تجعلك تتساءل عن جدوى الحزن لا عن سببه.
Painting of Suhad
ولا يكون الجو اكثر اشراقا في لوحتها (جنوح).. فهنا مركب شراعي جنح الى حافة صخرية دون ان نعرف متى وقع ذلك. الا ان بقاء الشراع سليما يدل على ان الامر ليس مأساويا رغم غياب اية اشارة الى وجود آدمي. وفي هذه اللوحة لا تجد مصدرا للنور، بينما يختلط اللون الاخضر مع زرقة السماء الداكنة موحيا بعدم اهمية المكان، ذلك الذي لا يحتوي الا على بضعة غربان تحوم في سمائه الملبدة. والازمة هنا تصل اوجها. ازمة الرحلة المفروضة المعبر عنها بحياة الكائن البشري، وامكانية انتهائها في اية لحظة دون ان يكون لذلك اهمية في المشهد العام.
ان اعمال الفنانة سهاد ناجي لا تسعى الى طرح الحلول والمعالجات، ولا تكترث بالتوازن اللوني لارضاء المشاهد. انها تسعى للتنبيه الى واقع غير سار والى حقيقة ليست مفرحة. وهي تترك الخيار للمتلقي في ايجاد التعادل المطلوب او الانصراف الى شأنه. ونحن نجد ان غالبية المتلقين لا يرغبون في مثل هذه الحرية، فالمشاهد يريد ان يشده العمل الفني دون ان يتكبد عناء ايجاد عمل فني بديل في مخيلته. ولكننا نعتقد ايضا ان هذا الطلب انما هو تغيير في احد اركان شخصية الفنانة، الامر الذي من شأنه ان يقلل من اهمية اعمالها ذات الطابع الباحث عن المشاركة.

No comments: